سؤال وإجابة مختص إحدى فقرات صحيفة جامعتي الإلكترونية التي تهدف إلى إيصال كافة المعلومات للقارئ بطريقة تسلسلية شاملة وواضحة ، بعيداً عن المعلومات المغلوطة أو المزيفة يجاوب عليها أصحاب الإختصاص والخبرة المهنية للمساهمة في زيادة المخزون الفكري والمعرفي والثقافي للقارئ من منسوبي الجامعة وجمهورها الداخلي والخارجي.
هل من الممكن ان استخدام مضادات الهيستامين الغير موصوفة طبياً لعلاج الأرق ؟
يجيب الدكتور زياد بن سعيد المالكي من قسم الصيدلة الإكلينيكية بكلية الصيدلة بالخرج قائلا :
لاشك أن الإنسان يحتاج للنوم كحاجته للطعام والشراب. لذلك، عندما يستلقي البعض مستيقظا في الساعة الواحدة صباحا ، قد يميلون إلى الحصول على قسط من الراحة بأي طريقة ممكنة، في الأغلب تناول ما يساعدهم على النوم. هذا يعني في معظم الاحيان تناول مضادات الهيستامين أو الادوية التي تحتوي عليها. على الرغم أن بعض مضادات الهيستامين لا تستلزم وصفة طبية، وآمن جدا بشكل عام، ويحمل مخاطر منخفضة من الآثار الجانبية، إلا أن هناك بعض الحقائق يجب على الشخص أن يكون على دراية بها أولا قبل استخدامها بشكل روتيني لعلاج الأرق. لابد أولا من معرفة أن الهيستامين هو مادة كيميائية تنتج في الخلايا كجزء من الاستجابة الالتهابية للجسم ضد الحساسية أو العدوى أو الإصابة، فعند التعرض لأحد مسببات الحساسية أو العدوى ، تفرز خلايا الجسم الموجودة في الأنف، والرئتين، والحلق مادة الهيستامين، منتجة بعض أعراض الحساسية المزعجة مثل الألم، والحكة، والاحمرار، وسيلان الأنف. لذلك، إلى جانب أعراض الحساسية الخفيفة، عندما تتصدى مضادات الهيستامين للهيستامين في جسمك، يكون لها تأثير جانبي يجعلك تشعر بالنعاس والإعياء. إذا يعتبر النعاس الناتج من استخدام مضادات الهيستامين ما هو إلا تأثير جانبي يختلف في نسبة ومستوى حدوثه من شخص إلى آخر لذلك فإن تناولها لا يعتبر خيار فعال مثل مساعدات النوم الاخرى كما يعتقد البعض. وهذا ما أكده باحثون عندما قاموا بجمع وفحص 46 دراسة في الممارسة السريرية للعلاج الدوائي للأرق المزمن لدى البالغين ووجدوا أن الأدلة وراء كون الأدوية التي تحتوي على مضادات الهيستامين تؤدي إلى نوم أفضل "غير مهمة سريريا" أي أنها في الحقيقة لا وجود لها عند البعض. مما يشير إلى أنه لا ينبغي للناس استخدام هذه الأدوية للنوم بشكل روتيني. العديد من العلماء فسر النعاس الناتج عن استخدام نوع معين من مضادات الهيستامين هي فردية جدا، حيث يعتقد البعض أنه ينعس بمجرد اخذ تلك الادوية وهي في الحقيقة تأثير الدواء الوهمي وهو ان الشخص يعتقد أنه بتناول تلك الأدوية سيجعله يشعر بالنعاس مع أن ليس هناك تأثير حقيقي في أحيانا كثيرة. إضافة الى ذلك، فأن جميع الجمعيات و الجهات المعنية بطب النوم السريري لا توصي أبدا باستخدام مضادات الهيستامين لعلاج الأرق المزمن وذلك للأثار الجانبية لها التي قد لا يدركها الاشخاص والتي قد تزداد سوءاً مع الوقت. حيث أنها يمكن أن تؤدي إلى جفاف الفم والإمساك واحتباس البول في المثانة وعدم وضوح الرؤية وانخفاض ضغط الدم عند الوقوف. علاوة على ذلك، فإن نصف عمر تلك الأدوية، وهو الوقت الذي يستغرقه الدواء ليفقد نصف نشاطه، هو 9 ساعات في البالغين، ولكن 13.5 ساعة في الأفراد المسنين. هذا يعني أن الدواء لا يزال له آثار طويلة بعد استيقاظ المرء مما يؤثر على جودة حياة الشخص. بالإضافة الى أنه يمكن أن تسبب الترنح والارتباك وفقدان الذاكرة وهذا مقلق بشكل خاص في كبار السن. وكذلك قد تفاقم بعض الحالات مثل الربو وتوقف التنفس أثناء النوم. لذلك أنه من المهم توعية المجتمع بأنه من الطبيعي أن يكون لدى الشخص فترات يصعب فيها النوم جيدا، أو البقاء نائما بانتظام لأسباب كثيرة معروفة وغير معروفة. ولكن إذا أستمرت المشكلة أكثر من مرتين في الأسبوع لمدة تتجاوز الثلاثة أشهر، فيجب زيارة الطبيب المختص لعلاج السبب الكامن وراء الأرق مثل وجود بعض العادات السيئة التي تأثر سلبا على جودة النوم، ومساعدتك في العمل على البدء بتغيير السلوكيات التي تؤثر على النوم. خلاصة القول: قد يكون تناول مضادات الهيستامين المتاحة دون وصفة طبية خلال ليلة عارضة يصعب فيها النوم حل سريعا، الى أنه لا يوصى باستخدامها بشكل روتيني لعلاج الأرق المزمن نتيجة الآثار الجانبية التي قد تكون أسوأ في البالغين الأكبر عمرًا.
