اصطناع العبقرية

في عصر أحد الأيام كانت ابنتي الصغيرة تتصفح الهاتف الذكي ،
-ولا أخفيكم أني أسلمه لها لأخفف من إزعاجها بعض الأوقات -
وفجأةً هرعت إليًّ والدهشة تعتريها قائلةً:
ماما .. ماما
انظري هذا طفل مولود يتكلم !!
أمسكتُ بالهاتف وتابعتُ المقطع ، وإذ بمحتواه مغرٍ جدًا وجاذب لكنه أشبه بكذبة مجبرين أن نصدقها !!
انتهى المقطع وبدأ سيل الأسئلة من صغيرتي :
كيف يتكلم الطفل المولود ؟
وكيف يمشي ؟
وكيف ، ولماذا ، واشرحي وحلّلي وفسري ..
قلت لها :
قديمًا يا ابنتي حين جاء التلفاز وبدأ البث يصل إلى أجدادنا ، كانت بعض النساء تغطي وجهها خوفًا من أن يكون المذيع يراها ،
لم يكن جهلًا وقتها بقدر ماهو تطور وصل دفعة واحدة ولم يألفوه حينذاك ..
واليوم وبالذكاء الاصطناعي لم يعد أي أمر تقني عسير ، باتت الحقيقة رهن من بوسعهم التمييز بين الأصلي والمعدل ..
ونسي الكثير أن الذكاء الاصطناعي ماهو إلا محاكاة لذكاء الإنسان ،
وهو الذي اخترع الآلة من فائت الأزمان ، وجعل لكل حالٍ حل ، ولكل سؤال جواب ، ولكل حدثٍ تفسيره ..
والإشكالية هنا :
أن البعض بات يشكك حتى في المقاطع الصحيحة ويعتبرونها من صنع الذكاء الاصطناعي ..
فهل ذلك بسبب الإغراق التقني ؟
أم أن بعض البشر فضلوا أن يتفوق المُصطنع عليهم وهم الذين أسّسوه ؟
نحن ولله الحمد في دولة عظيمة ، سخرت كل مقدراتها لنهضة وحضارة الإنسان السعودي ..
وفي الوطن عقول جاوزت العبقرية وتستطيع اقتحام أي ميدان تقني وتتفوق فيه ..
لذلك -ولأن عقولنا هي من ابتكرت الذكاء الاصطناعي - علينا أن نطوعه لما فيه مصلحتنا ومصلحة بلادنا ، ونكون على وعي بالغ بأن علمنا وعبقريتنا تصنع الكثير ..
الطالبة : منى حسن الصامطي
طالبة ماجستير إدارة وتخطيط