مع انتشار جائحة كورونا في بداية عام 2020 ، أصبح التعليم عن بعد خياراً استراتيجيا لضمان استمرارية وكفاءة التعليم أثناء الأزمات، مما جعل وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية وفي دول أخرى توظف تقنيات التعليم الحديثة للتخطط للمرحلة القادمة مستثمرةً أنظمة وأدوات التعلم الإلكتروني، ولعل التحدي الذي يواجه كثير من التربويين ويشغل تفكير الطلاب وأولياء الأمور هو كيفية تقييم أو تقويم أداء الطالب، وما مدى موثوقية ذلك التقييم؟
لا شك أن التقويم يمثل أحد العناصر المهمة في العملية التعليمية، ومفهوم التقويم التربوي بمعناه البسيط جمع وتحليل بيانات لغرض تحديد درجة تحقيق الأهداف من أجل اتخاذ قرارات ومعالجة القصور، ومعرفة تحقق الأهداف ممكن أن تتم بعدة طرق، منها التقويم الإلكتروني عن بعد (E-assessment) والذي يتم وفق طرق وآليات علمية، وله العديد من المسميات منها التقويم الرقمي (Digital assessment) والتقويم المباشر (Online assessment)، والتقويم المعتمد على الحاسوب (Computer-based assessment)، بغض النظر عن اختلاف المسميات إلا أنها تستخدم لوصف توظيف الحاسوب والإنترنت في عملية التقويم ومعرفة مدى تحقيق الأهداف.
وللتقويم الإلكتروني أنواع متعددة يمكن استخدام أي منها وفقاً للغرض من التقويم، على سبيل المثال إن كان الغرض هو التقويم من أجل التعلم (assessment for learning) فيمكن استخدام لوحات المناقشة أو المقابلات الإلكترونية أو أوراق العمل والتي توظف التقويم البنائي لقياس ما اكتسبه الطلاب من مهارات ومعارف أثناء الدراسة، وهذا النوع من التقويم يساعد على التغذية الراجعة وبالتالي عمل خطة عمل (action plan) من أجل زيادة تعلم الطلاب، وأما إذا كان الغرض هو تقويم التعلم (Assessment of learning) فيمكن تقويم المعارف العلمية باستخدام برامج الاختبارات الإلكترونية، أو أحيانا التسجيل الصوتي ومؤتمرات الفيديو خصوصاً المعارف التي تتطلب حفظاً، أو يمكن تقويم المفاهيم باستخدام برامج العرض التقديمي عن طريق منصات التعلم الإلكتروني أو الامتحانات المقالية، كما يمكن تقويم المهارات العملية باستخدام برامج المحاكات أو ملفات الإنجاز الإلكترونية.
وتذكر الدراسات والأبحاث العديد من الأساليب والاستراتيجيات الناجحة والفعالة في التقويم الإلكتروني والتي أصبح من الممكن استخدامها بموثوقية عالية إذا طبقت بعض الاشتراطات الهامة، ومن هذه الاستراتيجيات ما يلي:
أن من أهم الأمور المساعدة على توظيف الاستراتيجيات أعلاه في عملية تقويم الطلاب هو انتشار البرمجيات والتطبيقات المساعدة على تطبيقها بسهولة، كما أنها لا تتطلب بالضرورة جهاز حاسب آلي، وإنما متاحة على أجهزة الهواتف الذكية والتي أصبحت في متناول أغلب الطلاب وأولياء الأمور.
وأخيراً فإن عملية التقويم تعتبر جزء حيوي من عملية التعلم، وتحتاج إلى تخطيط وتصميم وتنفيذ دقيق يتطلب ذلك فهم ليس فقط من قبل إدارة المؤسسة التعليمية أو المعلمين وإنما تحتاج تفهم أولياء أمور الطلبة والطلبة أنفسهم وتعاونهم الإيجابي من أجل توفير البيئة المناسبة للتقويم في عن بعد.
د. خالد بن عبدالله الغملاس
أستاذ تقنيات التعليم المشارك