الفساد: آفة تهدد التنمية والعدالة الاجتماعية

في يوم 9 ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي لمكافحة الفساد، وهو يوم تم تخصيصه من قبل الأمم المتحدة لتسليط الضوء على مشكلة الفساد وآثارها السلبية على المجتمعات والأفراد.

ويعد الفساد آفة خطيرة تهدد المجتمعات واستقرارها، وهو يتمثل في إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب شخصية أو حزبية، ويؤثر الفساد على المجتمع في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي وزيادة البطالة وسوء توزيع الدخل وتراجع العدالة الاجتماعية وزيادة الجريمة وتفكك المجتمع.

وتتنوع مظاهر الفساد، ومن أبرزها: الرشوة: وهي من أكثر مظاهر الفساد شيوعًا، وتتمثل في دفع المال أو الهدايا لموظف عام للحصول على خدمة أو موافقة، وقد تؤدي إلى الحصول على خدمات غير مستحقة أو إلى تأخير تقديم الخدمات أو إلى إصدار قرارات غير عادلة. اختلاس الأموال العامة: وهو سرقة الأموال العامة من قبل الموظفين العموميين مما يؤدي إلى فقدان الموارد المالية للحكومة ويؤدي إلى تراجع الخدمات العامة. التحيز في اتخاذ القرارات: وهو اتخاذ القرارات بناءً على المصالح الشخصية أو الحزبية وليس بناءً على المصلحة العامة مما يؤدي إلى ظلم بعض الأفراد أو الجماعات. التستر على الفساد: وهو عدم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الفاسدين والإبلاغ عنهم مما يؤدي إلى انتشار الفساد واستمراره.

وللفساد آثار سلبية عديدة على المجتمع، ومن أبرزها: تراجع النمو الاقتصادي: حيث يؤدي الفساد إلى عرقلة الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية مما يؤدي إلى خفض معدلات النمو الاقتصادي. زيادة البطالة: يتسبب الفساد في تحويل الموارد المالية إلى جيوب الفاسدين مما يؤدي إلى زيادة البطالة وانخفاض مستوى المعيشة. سوء توزيع الدخل: يؤدي الفساد إلى تركز الثروة في أيدي فئة قليلة من الفاسدين مما يؤدي إلى زيادة التفاوت في توزيع الدخل. تراجع العدالة الاجتماعية: يؤدي الفساد إلى عدم المساواة بين أفراد المجتمع مما يولد الإحباط والاستياء لدى الأفراد. زيادة الجريمة: يؤدي الفساد إلى انتشار الجريمة حيث يلجأ الأفراد إلى ارتكاب الجرائم للحصول على المال أو النفوذ. تفكك المجتمع: يؤدي الفساد إلى فقدان الثقة بين أفراد المجتمع مما يؤدي إلى التفكك الاجتماعي.

ومكافحة الفساد هي مهمة صعبة، ولكنها مهمة ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، وتتطلب هذه المهمة جهودًا مشتركة ومستمرة من جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الحكومات والشركات والأفراد، ومن خلال العمل معًا يمكننا بناء مجتمعات قوية وعادلة تتحقق فيها تطلعات الناس وتعزز التقدم والازدهار.

وتدرك المملكة العربية السعودية أهمية مكافحة الفساد في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ولذلك تبذل جهودًا حثيثة في هذا المجال، ومن أبرز هذه الجهود إنشاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، وهي هيئة مستقلة ذات صلاحيات واسعة لمكافحة الفساد، بما في ذلك: التحقيق في البلاغات والدعاوى المتعلقة بالفساد، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الفاسدين، وإصدار قوانين وأنظمة صارمة ضد الفساد، وتعزيز الشفافية في الإجراءات الحكومية، وتوفير وسائل للإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه.

وتهدف هذه الجهود إلى القضاء على الفساد وتحقيق النزاهة والشفافية في جميع المجالات، وتعزيز التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية.