كلية التربية بالخرج تنظم دورة " السقيفة النحوية "

شغِل النحويون القدامى بضبط اللغة وتعليم الناشئة أصولها النحوية السليمة، بعد أن فسدت السلائق، وشاع اللحن؛ لاختلاط العرب بغيرهم من الأمم، ووضعوا المصنفات التي تعيد العرب للضبط الصحيح كما كان أسلافهم الأقحاح، وقد فاقت جهودهم المبذولة ما بُذل في أي لغة أخرى؛ وذلك حرصًا منهم على تجويد الأداة اللغوية التي تضمن حفظ كتاب الله وقراءته كما أُنْزِل.
وقد يوحي عظم الهدف وكثيرًا ما صورت الدراما التاريخية أولئك العلماء الأجلاء الذين نذروا أنفسهم لهدف جليل بأنهم أقرب للصلف والتَّعصب وربما خفة العقل، وأبعد ما يكونون عن لطافة الروح وخفة الظِّل، لكن عشرات الأحاديث والقصص التي تناقلتها عشرات المصنفات، تبرِّئ ساحة النحاة من تلك الوصمة، وتثبت أنهم أذكياء أصحاب أساليب تربوية لا يمكن للمتعلمين نسيانها، حتى أصبحت بعض ملاحظاتهم العلمية مُلَحًا ونوادر تمتع سامعها أو قارئها، على حد سواء؛ ومن هنا أحب قسم اللغة العربية إقامة برنامج يهدف إلى استئناس النحو وتحسين صورة النحاة في أذهان المتلقين والناشئة، فأقام هذا البرنامج في الثامنة من مساء يوم: الأربعاء، الموافق: 23/ مارس/ 2022م، للأستاذة/سارة اليوسف.وقد حظي بحضور: 94 طالبة من مختلف أقسام الجامعة، وببعض الضيوف من جامعة المجمعة، وجامعة الأميرة نورة.
أمَّا بعض اللطائف الواردة فنورد منها على سبيل المثال لا الحصر: خبر أبي عمرو بن العلاء، حين صلَّى خلف رجل لحن فقرأ: "إذا زَلزَلت الأرض زلزالها"، فلم يكن منه، سوى أن حمل نعليه وغادر المكان، فترك من خلفه درسًا صامتًا بليغًا لن ينساه القارئ ولا المصلين، ولغة الصمت من تقاناة الحجاج.
ومن ذلك أيضًا: سؤال سهيل بن عمرو بن مظعون، لبعض ولده عن الوجهة التي يقصدها قائلًا: أين أَمَّك؟، بفتح الألف والميم، فظنّ الولد أنه يريد أين أُمُّك بضم الميم، فقال: ذهبت تشتري دقيقًا! فقال ابن مظعون: "أساء سمعًا فساء جوابًا"!!، وبهذا التعليل اللطيف قدَّم لابنه درسًا تربويًا دون زجر أو شدة أو تعنُّف...إلخ وغير ذلك كثير من الأمثلة.