حين تتحول المهارة إلى لغة المؤسسات، يتغير معنى العمل. هذا المقال يضيء ملامح التحول القادم في إدارة الكفاءات السعودية، مستندًا إلى نتائج تقرير ماكنزي لعام 2022.
تمر بيئات العمل بمرحلة جديدة تعيد فيها المؤسسات النظر في طريقة إدارة الكفاءات وتنمية القدرات، إذ أصبح التركيز على المهارات خطوة أساسية في بناء فرق قادرة على تحقيق نتائج مستدامة.
تقرير ماكنزي الصادر في نوفمبر 2022 بعنوان «التحول نحو نهج قائم على المهارات لبناء قوى العمل المستقبلية» أشار إلى أن المؤسسات التي تعتمد هذا النهج تحقق دقة أعلى في التنبؤ بالأداء الوظيفي بما يعادل خمسة أضعاف مقارنة بالأساليب التقليدية.
كما أوضح أن الموظفين الذين يحصلون على فرص لتطوير مهاراتهم يحتفظون بوظائفهم لفترات أطول بنسبة تتجاوز 30٪، مما يعزز الاستقرار ويرفع كفاءة بيئة العمل.
برأيي، هذه الأرقام تمثل مؤشرًا على تحوّل قادم في طريقة التفكير المؤسسي، فالمهارة أصبحت لغة مشتركة بين الموظف والمؤسسة، والعلاقة بينهما تقوم على الإسهام والإتقان لا على العنوان أو المسمى.
وعندما تُدار الكفاءات بهذا المنطق، تنشأ بيئة محفزة على النمو والتطوير وتقل الفجوة بين الطموح والفرص.
أرى أن المرحلة القادمة ستشهد توسعًا في تبنّي هذا المفهوم داخل المؤسسات السعودية، خاصة في ظل رؤية السعودية 2030 التي تضع تنمية القدرات البشرية ضمن أولوياتها الوطنية، فكلما زاد الاستثمار في الإنسان، ازداد وضوح الأثر وارتقى أسلوب القيادة نحو تمكين أوسع.
في تصوري، مستقبل العمل يتجه نحو فهم أدق للمهارات وربطها بالاحتياجات الحقيقية لكل منظمة، والمرحلة القادمة تُقاس بقدرتنا على اكتشاف المواهب وصقلها وتحويلها إلى قيمة مضافة داخل كل مجال من مجالات العمل.
الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب من المؤسسات وعيًا أعمق بقيمة الإنسان وقدرته على التطوير المستمر. ومع هذا الوعي يبدأ التحول الحقيقي في فلسفة القيادة، ويتهيأ المشهد لسؤال جوهري:
من سيقود المرحلة القادمة؟ المؤسسات التي تنتظر المهارة، أم التي تصنعها؟
مكتب البنية المؤسسية
جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز
د.محمد عبدالمنعم إبراهيم السخاوي
د.محمود حسن البديوي