عمرٌ جديد
بسم الله الرحمن الرحيم مقالة: عمرٌ جديد يمرّ الإنسان في حياته بمراحلٍ عدة، يرتقي بها من مرحلةٍ إلى أخرى، يبدأ بها الإنسان منذ الصغر، في مراحل الدراسة، ثم الانتقال فيها من مرحلةٍ إلى أخرى، حتى ينتقل بكل مسؤولياته واهتماماته إلى أُفقٍ آخر وهو الالتحاق بالمهنة والوظيفة والعمل، وأيًا كان شكل هذه الوظيفة، أو نوعها، أو مرتبتها، وكل المسؤوليات المناطة، إلا أنه بداية الاستقرار في الحياة الفعلية، وبعد سنوات من العمل والجهد المتواصل الذي يبذله الإنسان في هذه المهنة يصل إلى مرحلة عمرية (فاخرة) تلزمه أن يبدأ مع عمره الحاليّ عمرًا جديدًا، وهي مرحلة التقاعد والراحة؛ حتى يقول وداعًا لمكان وساعات العمل، ذلك المكان الذي رافقه أعوام، حتى يبدأ تجربةً جديدة في مكانٍ آخر، يختاره هو بنفسه، بعيدًا عن صخب المهنة، وعناء المسؤوليات. وكأي شيء آخر في هذه الحياة، النهاية الحتمية لكلٍ شيء هي بداية لشيءٍ آخر أجمل منه، ينتهي الشخص من المرحلة المهنية بكلٍ فخر، ليلحق بركب الآخرين في المجالات الأقرب إلى النفس، بحيث يختارها وينتمي إليها، فيوجه اهتماماته وهواياته لكل ما يرغب بتحقيقه، عندما كان يضيق عليه وقته في مهنته. إن المساحة التي تأتي بعد التقاعد، هي المساحة الأكثر قربًا للنفس؛ لأنها تصنع عمرًا جديدًا، بعيدًا عن المسؤوليات وضغوط العمل، يبدأ يخطط لها الشخص بكل ما أوتي من إمكانات، ليعمل على تنفيذها بنفسه وبتخطيطه هو دون غيره، ويبدأ يعوض كل ما كان لا يستطيع أن يقوم به عندما كان على رأس العمل، من التزامات اجتماعية، وهوايات قريبة للنفس، واهتمامات سرق العمل الوقت المناسب للقيام بها، والالتفات إلى كل ما تمّ ركنه بعيدًا انشغالًا بالعمل، وبالتزامات المهنة والوظيفة. إن التقاعد مرحلة لعمر جديد وأنيق، بعيدًا عن صخب العمل، وضغط المسؤوليات، وجلجلة المتطلبات التي لا تنتهي، يبدأ الشخص من خلالها بالإضافة إلى عمره الحالي، عمرًا آخر كلّه خير. بقلم: نورة بنت ناصر العويّد أستاذ أصول التربية المشارك في الجامعة