الخميس 21 نوفمبر 2024

صمت الأرض يتحدث

صمت الأرض يتحدث

وأخيرا أفاق العالم على حتمية الحفاظ على هذا الكوكب (كوكب الأرض) الذي نعيش فيه ويضمنا جميعا. الكوكب الذي طالما عانى ومازال يعاني من خطر التغير المناخي بسبب بني الإنسان. فهناك دول كثيرة تعاني من التصحر وشُح المياه والحرائق وأخرى تعاني من الفيضانات والأعاصير والانهيارات الثلجية. مَن منا لم يلمس أن هناك ارتفاعا ملحوظاً في درجات الحرارة مقارنة بالسنوات القليلة الماضية! مَن منا لم يلحظ أن هناك تغيرا هائلا في الظواهر الطبيعية كانتشار الحرائق والفيضانات وارتفاع مناسيب المياه في البحار والمحيطات!. كل هذه التغيرات تحدث... وكأن صمت الأرض يتحدث... ولكن للأسف سكان العالم في سبات عميق!!!!!!.

فقد حان الوقت لأن يكون ضبط إيقاع مناخ المعمورة هدفاً رئيساً للجميع لكي نعود به إلى سابق عهده قبل أن تلوثه يد بني البشر بدعوى التقدم والرقي؛ لأن هذا الهدف ليس فقط ضرورة ملحة في وقتنا الراهن بل أصبح واجبًا إنسانيًا على الجميع وليس البعض دون الكل.

ولإتخاذ خطوة جادة نحو تحقيق هذا الهدف، فقد انطلق في الأول من نوفمبر من هذا العام (2021) مؤتمر الأمم المتحدة  للتغير المناخي بمدينة جلاسكو الإنجليزية (Conference of Parties, COP26)، والذي يعقد في الفترة من 31 أكتوبر – 12 نوفمبر 2021 ( ).

وللأهمية القصوى لهذا اللقاء، فقد حضر الجلسة الافتتاحية لفيف من ملوك ورؤساء دول العالم، ليس فقط المتقدمة منها ولكن النامية أيضا على حد سواء؛لأنه لا يخفى على أحد أن التأثير السلبي والضرر أصبح على الدول النامية أكبر منه بكثير على الدول المتقدمة. فضلا عن أن تكلفة مجابهة هذا التغير تقدر بحوالي 100 مليار دولار في مرحلتها الأولى فقط. ويحضرني في هذا السياق أن أحد المتحدثات من أفريقيا قد لفتت أنظار العالم إلى أنه تم تشريد ما يقرب من 86 مليون شخص في أفريقيا وحدها فقط بسبب تغير المناخ. لذلك، فقد جاءت اللحظة بأن يعي العالم أجمع أنه من غير المقبول أن يكون تقدم الأمم الغنية على حساب الأمم الأخرى الفقيرة. وفي رأيي، إن من أهم ما جاء في كلمة معالي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، حيث قال "إن الفشل في إيجاد الحلول لمشكلة تغير المناخ قد يؤدي إلى وفاة العديد من سكان الأرض". بالتأكيد فإن الدول الفقيرة سيكون لها النصيب الأكبر من هذا الدمار.

لذلك اتفق المتحدثون، خلال الكلمات الافتتاحية لهم، على ضرورة تضافر الجهود لكل من القطاعين العام والخاص لكي يعملا سوياً وجنبًأ إلى جنب على تقليل نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الهواء. ونظراً للارتباط الوثيق بين الانبعاثات الكربونية وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فإن المشاركين قد أكدوا على أنه إن لم يكن بالمقدور في الوقت الحالي العمل على تقليل درجة الاحتباس الحراري بمقدار درجتين مئويتين فإنه حتما ولابد أن يتم الاتفاق والعمل على تخفيض درجة حرارة الأرض بمقدار درجة ونصف على الأقل وذلك بتقليل نسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو.

ومن الناحية العلمية والعملية فإنه يمكن تقليل الانبعاثات الكربونية عن طريق مسارين:

الأول: رفع نسبة الأكسجين في الجو وذلك بزيادة نسب المساحات الخضراء على سطح الكرة الأرضية

وفي هذا الصدد، لا يسعني إلا أن أشيد وأثني على المبادرات الكريمة والسبَّاقة لسمو ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) التي أطلقها في شهر أكتوبر الماضي "مبادرة السعودية الخضراء"، و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" وذلك بزراعة ما لا يقل عن 10 مليار شجرة على الأراضي السعودية خلال الفترة القادمة والوصول للحياد الصفري من الانبعاثات الكربونية في 2060 باستثمارات بقيمة 700 مليار ريال كحزمة أولى.

الثاني:زيادة مصادر الطاقة النظيفة (الجديدة والمتجددة).

ومن هذا المنطلق، كان لزاماً أن يخطو العالم خطوات فاعلة نحو استخدام مصادر طاقة جديدة بديلاً عن الوقود الأحفوري (مشتقات البترول) الذي هو السبب الرئيس في ازدياد الانبعاثات الكربونية، ومن ثمَّ ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. حيث تعدّ الطاقة المتجددة بأنها طاقة محلية وطبيعية متوفرة لكافة الأفراد والشعوب بشكل دائم طوال العام وتتميز تلك الطاقة بعدم تلويثها للبيئة والحفاظ على الصحة البشرية والفطرية، وتتميز أيضا باستقلاليتها  لذلك تسمح لمستخدميها استقلالية خاصة في الاستخدام .

 وعليه فقد فَطِن العالم إلى أهمية استغلال هذه المنح الطبيعية والمجانية كبديل للوقود الأحفوري في توليد الطاقة، والتي تتمثل في مصادر الطاقة البديلة والمتجددة(Clean and Renewable Energy) ، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

-الطاقة الشمسية .(Solar Energy)

-طاقة الرياح(Wind Energy) .

-الوقود الحيوي .(Biofuel Energy)

-طاقة المياه .(Hydroelectricity Energy)

-طاقة المد والجزر .(Tidal Energy)

 

وبنظرة تأملية بسيطة، نجد أنه يمكن لمنطقتنا العربية وبخاصة المملكة العربية السعودية أن تسهم بفاعلية في هذا التوجه العالمي، فقد حبا الله المملكة بتنوع في مصادر الطاقة البديلة المتجددة والنظيفة. وبما أن الطاقة الشمسية احتلت مكان الصدارة في اهتمامات العلماء مقارنة بباقي المصادر من الطاقات المتجددة وأصبحت عنصراً مهمًا في التخطيط للطاقة في معظم دول العالم، فيمكن أن نستفيد من موقع المملكة في إنتاج الطاقة من هذا المصدر الطبيعي النظيف والمتجدد. وليس الحصر على الطاقة الشمسية بل، وطاقة الرياح متوفرة ولله الحمد طوال العام في الغالبية العظمى من مناطق المملكة؛ وأرى أن منطقة (الربع الخالي) بيئة مناسبة لأعمال توليد الطاقة الطبيعية حيث تشتمل على العناصر المثالية كونها غنية بكلا المصدرين: طاقة الشمس، وطاقة الرياح، فضلا عن أنها تحتوي على مساحات مفتوحة ضخمة وغير مأهولة؛ مما يجعل الأعمال فيها تسير بكل أريحية وسهولة. كما يمكن أيضاً، استغلال وتوظيف الموقع الجغرافي المتميز للمملكة كونها تقع بين البحر الأحمر والخليج العربي في إنتاج الطاقة من حالة المد والجزر للمياه. 

ختاماً، أظنكم تتفقون معي أن اجتماع دول العالم تحت مظلة الأمم المتحدة لمناقشة ظاهرة تغير المناخ يعدّ بادرة طيبة وبداية جيدة نتمنى أن تؤتي ثمارها قريبا بإذن الله، ربما لا نشهد نتائجها في المستقبل القريب ولكن على الأقل لا بد أن يتحمل كل منا مسؤوليته لكي نترك أرض المعمورة جميلة خصبة للأجيال القادمة إن شاء الله...

وإلا فصمت الأرض سيتحدث!!!.

 

قيم هذا المحتوى
QR Code for https://np.psau.edu.sa/ar/article/2022/01/1641194718

تحويل التاريخ

التحويل من
التاريخ