معوقات تخطيط المناهج الدراسية لذوي صعوبات التعلم
يعد مصطلح صعوبات التعلم من المصطلحات الحديثة، فبعد جهود عظيمة من أطباء علم الأعصاب ومن ثم علماء النفس العصبي في إيجاد تفسير لحالة هؤلاء الأطفال، والبحث عن الإجراءات العلاجية المناسبة لهم للحصول على تفسير علمي للوضع الصحي والتعليمي لهولاء الأطفال، حيث تواصلت هذه الجهود حتى عام 1963 حيث تم الأعلان عن مصطلح صعوبات التعلم بشكل رسمي.
حيث أشار (الخطيب، 2014، ص 9) "في عام 1963 تم الإعلان عن اضطراب جديد في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية لوصفة حالة أطفال لديهم اضطرابات في النمو اللغوي والكلامي وفي القراءة ومهارات التواصل ذات العلاقة، وأطلق على ذلك الأضطراب باللغة الإنجليزية "Learning Disability" وترجم هذا المصطلح بعد سنوات إلى العربية تحت اسم "صعوبات التعلم"، حيث تبين في العقود الأربعة اللاحقة أن عشرات الملايين من طلبة المدارس حول العالم يعانون من هذا الاضطراب"
وتعتبر ايضًا أكثر فئات التربية الخاصة انتشارًا في المدارس، وذلك استنادًا إلى عدد الطلاب المسجلين في برامج التربية الخاصة في المدارس، فكم ذكرلاحقًا يوجد الملايين من طلبة المدارس لديهم صعوبات تعلم حول العالم، ومع الاهتمام المتزايد بفئة صعوبات التعلم في الفترة الأخيرة حيث لاتخلو مدرسة من معلم أو معلمة صعوبات تعلم، لكن نجد بأنه لايوجد منهج دراسي مخطط ومبني لفئة ذوي صعوبات التعلم، يناسب أغلب طلاب هذه الفئة، وفي الوقت ذاته يستطيع معلم لصف العادي الأطلاع عليه ومحاولة التقريب بينه وبين المنهج الرسمي للطلاب العاديين.
فللوهلة الأولى نرى أن فكرة تخطيط وبناء منهج دراسي موجهه لهذه الفئة فكرة جيدة، ولكن عند التمعن قليلاً نجد أن هناك الكثير من المعوقات التي تحد من وضع هذا المنهج، يأتي ذلك من تعدد فئات وخصائص ذوي صعوبات التعلم، التي تجعل من الصعب أن نخطط منهج دراسي مناسب لهم، فقد عزيت الصعوبة في تخطيط وبناء منهج دراسي لذوي صعوبات التعلم إلى عدد من الأسباب يعزى السبب الأول لصعوبة تخطيط وبناء منهج لذوي صعوبات التعلم إلى تعدد فئات الصعوبة ومنها صعوبة القراءة، صعوبة الكتابة، صعوبة الحساب أو الرياضيات، وصعوبات لغوية تواصلية، وصعوبات في الإدراك السمعي، والإدراك البصري، فمن الصعب جدًا أن نستطيع تخطيط وبناء منهج يعالج ويشمل كل هذه الصعوبات وذلك يعزى لاختلافها التام عن بعضها البعض، ومن الممكن أن يعاني طفل من صعوبة في الكتابة تصاحبها صعوبة في الحساب ولا يعاني من أي صعوبة في القراءة، فأختلاف الصعوبة التي يعاني منها الطفل يجعل ذلك صعب نوعاَ ما.
أما السبب الثاني فهو أختلاف درجة الصعوبة التي يعاني منها طالب صعوبات التعلم وحدتها، فهناك صعوبات تعلم بسيطة، وصعوبات تعلم متوسطة، وصعوبات تعلم شديدة، فأجد ايضًا من الصعب ان نستطيع تخطيط وبناء منهج دراسي موجه لهذه الفئة إذ أثبتت الدراسات العلمية أن هناك تفاوت شديد في درجة الصعوبة بين طلاب ذوي صعوبات التعلم.
أما السبب الثالث فهو تباين في الخصائص السلوكية والاجتماعية والانفعالية لذوي صعوبات التعلم ومن هذه الخصائص: فرط الحركة وتكرار النشاط وإيضًا صعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر، والاكتئاب والقلق الذي يعاني منه بعض طلاب هذه الفئة، وكما يعانون من انخفاض مفهوم الذات وصعوبات في العلاقات الاجتماعية، إذ يشير (الخطيب، 2013، ص 92) نقلاً عن تيلور وزملاءة (Tayloretal,2009)" أن هناك بعض الأدلة على أن الطلبة ذوي صعوبات التعلم هم أكثر عرضة للرفض الاجتماعي من أقرانهم العاديين، وكذلك فإن العديد من الطلبة ذوي صعوبات التعلم لديهم عدد أقل من الأصدقاء من أقرانهم"
فكما أشرت سابقاً من عدد من الخصائص السلوكية والانفعالية والاجتماعية التي يعاني منها طلاب ذوي صعوبات التعلم وتباينها وأختلاف حدة درجتها، نجد أن هناك صعوبة شديدة في أن نخطط ونبني منهج موجه لعلاج كل هذه الخصائص بدرجاتها المختلفة.
أذن عند النظر إلى الأسباب السابقة نجد أن هناك تباين في الصعوبة التي يعاني من طالب صعوبات التعلم، بالأضافة إلى عدد من الخصائص التي تتفاوت في ظهورها بين طلاب ذوي صعوبات التعلم، فقد نجد بأن هناك طالب أو طالبين يتفقون في الصعوبة والخصائص، ولكن من المستحيل أن نجد جميع الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم لديهم نفس الصعوبة، ويمتلكون الخصائص ذاتها لكي نستطيع أن نخطط ونبني منهج دراسي واضح ومحدد لفئة أيضًا واضحة ومحددة الصعوبات والخصائص.
فبعد أن وضحت معوقات تخطيط وبناء منهج لذوي صعوبات التعلم، يتبقى السؤال المهم ماهو المنهج الدراسي المقدم لهذه الفئة وكيف يتم تعليمها وعلاجها ؟
نجد أن المنهج الدراسي لذوي صعوبات التعلم هو المنهج الدراسي للطلاب العاديين ذاته، ولكن عند تقديم هذا المنهج نقوم بتكييفه وتقديمة بطرق تدريس تناسب ذوي صعوبات التعلم، أضافة إلى الخطة التربوية الفردية التي توضع بعد تشخيص طالب صعوبات التعلم من قبل فريق متعدد التخصصات ويتم تنفيذها في غرفة المصادر من قبل معلم صعوبات التعلم.
ولتفاوت شدة صعوبات التعلم ومنها البسيطة التي تحتاج إلى استشارة فقط لمدرسي الصفوف العادية إلى الانتقال إلى غرفة المصادر جزء من اليوم الدراسي وإلى الصفوف الخاصة بذوي صعوبات التعلم الشديدة فكلاً من هؤلاء يحتاج إلى خطة تربوية فردية و تكييف للمنهج قدر الأمكان لتعالج الصعوبات التي يعاني منها هذه الفئة.
وأخيراً لأنجاح تكييف المنهج الدراسي لذوي صعوبات التعلم وتغيير طريقة التدريس بما يناسب ذوي صعوبات التعلم وإنجاح الخطة التربوية الفردية لايقع على عاتق معلم صعوبات التعلم وحدة بل أشدد على أهمية التعاون بين معلم صعوبات التعلم ومعلم الصف العادي إذ يقضي طالب صعوبات التعلم أكثر من 50% من يومه الدراسي في الفصل العادي.
المراجع:
الخطيب، جمال محمد. (2013). مدخل إلى صعوبات التعلم. الدمام: مكتبة المتنبي.