ذكرى اليوم الوطني دعوة للعمل والإنجاز
إن اليوم الوطنيّ للمملكة العربية السعودية، في ذكراه الثامنة والثمانين التي تتجدد كل عامّ، ليس مناسبة عابرة أو ذكرى ماضية، وإنما هو امتداد تاريخي لحدث مهم قامت عليه لبنات بناء الدولة السعودية الحديثة.
لقد سطر الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في هذا اليوم ملحمة خالدة بتوحيده لهذا الكيان الفريد في وحدته ،والذي تجلى في دولة أمن وعز ورخاء وازدهار، انطوت معه صفحات من الجهل والتناحر والفرقة والتخلف بكل تفاصيل ذلك العهد المظلم من تاريخ الجزيرة العربية، فقد استلهم التوحيد من عقيدته الصافية المبنيّة على توحيد الخالق جلّ وعلا، فوحد الأرض ووحد الدين ووحد الوجهة.
وكانت انطلاقة الملك عبد العزيز رحمه الله في التوحيد مبنية على الإخلاص والعزيمة، وأن بذور هذا الإخلاص وهذه العزيمة ستنبت جيلا قويًّا يتسم بهذه الصفات فيبني ويشيد، ويضرب في أرجاء المملكة فيحيل صحراءها مشاريع ومصانع ومنارات إشعاع وعلم وثقافة.
وأشبع أبناءه هذه المفاهيم والقيم التي تعلي من شأن الوطن والعقيدة، فنشأوا رعاة أمة وحماة عقيدة، استنارت بصيرتهم بتلك المفاهيم واستشرفوا آفاق التقدم والنهضة بما آتاهم الله من إخلاص وحكمة.
لقد أدرك الملك عبد العزيز –طيب الله ثراه- ومن بعده خلفه الذين مكّن الله لهم؛ قدسية المكان وضرورات الزمان؛ فسعوا لخدمة مقدساتهم، وحفظ أمن بلادهم وقبلة الأمة الإسلامية في أرجاء المعمورة، والإعلاء من شأن المملكة
ومن ذلك التاريخ الوطني العزيز وإلى يومنا هذا وما بعده ومسارات النهضة والتقدم في المملكة تتعدد وتزداد متغلبة على كل العوائق مجتازة كل التحديات والصعاب بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله .
فبنظرة عابرة يدرك الرائي ما تشهده المملكة من تقدم على كل الأصعدة والاتجاهات، فها هي منارات العلم والمعرفة من جامعات وكليات ومعاهد ينافس يومها أمسها وغدها يومها، امتدت بامتداد الرقعة الفسيحة تضرب في أعماق الإنسان السعودي فتخرج للنور معدنًا نفيسًا من الطاقة البشرية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية والعقلية التي حسن الاستثمار فيها لكونها عقلية واعية واعدة متسلحة بتوحيد الله وسلامة المعتقد وحب الوطن.
وإننا إذ نستلهم هذه الذكرى نجدد الوعي لأبنائنا الطلاب والطالبات الذين وقفوا مع تباشير هذا العام الجديد على عتبات التعليم الجامعي، لنؤكد لهم أن تشكيل عقولهم وبناء معارفهم ومهاراتهم، وما يتمتعون فيه من خير ونعمة وما أُتيح لهم من إمكانيات تنافس كبريات الجامعات العالمية إنما هي امتداد لهذا اليوم الوطني المجيد الذي قضى على بذور التشرذم والفرقة وأعلن توحيد الله والوجهة والغاية والإخلاص للنهضة والتقدم.
ولطلاب الدراسات العليا الذين يبحرون بين أمواج العلم والمعرفة، والباحثين والباحثات في كل مجلات العلوم، داخل المملكة وخارجها، ضعوا نُصب أعينكم ما بذله المؤسس وأبناؤه من جهد لتوحيد البلاد والقضاء على بذور الشرّ والفساد، وما سطروه من ملاحم وبطولات امتدت من معركة التوحيد إلى ملحمة الحزم، وأكملوا بطولات معاركهم بتفوقكم وما تحققونه من منجزٍ علميٍّ ومعرفي تفاخرون به.
وليعلم أبناؤنا وبناتنا أنهم ثمرة هذا اليوم وأن استكمال البناء ومواصلة المسيرة معقود بهم وباكتسابهم للعلم والمهارات والمعارف ليخرجوا إلى ميادين العمل ويرفعوا راية المملكة في كل مكان وكل محفل. وليكن ذكرى هذا اليوم تجديد بيعة وطاعة لأبناء المؤسس والقائمين على أمر هذه البلاد، وطاعةً وبيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وولي عهده سموّ الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، ولنكن لهم خير عون على نهضة هذه البلاد كلٌّ في ميدانه وعمله باذلين وسع طاقتنا للحفاظ على مقدرات هذا الوطن والارتقاء به إلى أعلى الدرجات والمراتب.