التخطيط والخطط الدراسية
التخطيط بصفة عامة أمر في غاية الصعوبة، خصوصا عندما يرتبط ببناء الخطط الدراسية، فالخطط الدراسية في الجامعات تعتبر العمود الفقري لسمعتها ولقدرتها على المنافسة لان هذه الخطط تشكل وصف لما درسه الخريج بما يحقق تقدم وتميز الجامعة على كافة الاصعدة سواء محليا وعالميا. نجاح أي خطة دراسية يعتمد بصورة كبيرة جدا على ما يتمتع به الأكاديميون والمتخصصون من صفات علمية وأكاديمية وخبرة بالشكل الذي يعكس المعايير العالمية، وبما يحقق صقل الشخصية للطلبة في صورتها الحضارية. إن من أهم ما يميز أي مؤسسة تعليمية خططها الدراسية وبرامجها الاكاديمية التي تشكل وتصيغ خريجيها , وتحتاج الكليات إلى مراجعة مستمرة لمخرجاتها التعليمية لضمان توافق تلك المخرجات ومتطلبات سوق العمل وذلك بعرض برامج جديدة أو إعادة صياغة وتحديث البرامج القديمة، ومن المشكلات التي تواجه الجامعات بصفة عامة العشوائية في الخطط الدراسية وعدم الاتساق والتكامل والتتابع التصاعدي والتراكمي من الناحية المعرفية والمهارية والسلوكية والعملية وهذا ما أدى إلى عدم مقدرتها على تحقيق اهدافها في تمكين الطالب من امتلاك المهارات المعرفية والمهارية والسلوكية والعملية الضرورية المختلفة. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى مراجعة الخطط الدراسية، ليس فقط المحتوى العلمي ولكن أيضاً مراجعة الأسس والمعايير الذي بنيت وصُممت عليها. ان بناء الخطط الدراسية أصبح علما وفنا في حد ذاته، له أسسه وقواعده وعلمائه ومريدوه. والناظر في أعضاء لجان الخطط الدراسية في جامعاتنا يجد أنه يندر بينهم المتخصص. معظمهم تعلم تصميم الخطط الدراسية بالخبرة والممارسة دون أن يتخصص في هذا الفن. لذلك كثيرا ما ترى النقاش والحوار حول الخطة الدراسية عشوائيا، وذلك ناتج عن عدم اتفاق الأعضاء على المحاور الرئيسية. لابد للخطة الدراسية من معايير أساسية ومنها مراعاة مبدأ الأولويات والإمكانيات الخاصة بالطالب والكلية من حيث المأمول والواقع المتاح، والأخذ بمفهوم الشمول والتكامل من ناحية الاحتياجات سواء للطالب والمجتمع ومراعاة المرونة لكي تواكب التغييرات التي تطرأ على النظام التعليمي لارتباطه بالحداثة وتجديد المعارف وكذلك مراعاة جانب الاستمرارية بحيث تكون الخطة الدراسية بناءه بشكل مستمر ومطابقة للمنهج بأبعاده الثلاثية المعرفي والمهاري والوجداني، ومراعاة الحد الأدنى والأقصى من الوحدات التدريسية. وأيضاً دراسة مدى توافق لغة التعليم والتدريس لكل برنامج ومتطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية واتخاذ القرار المناسب بشأنها، ومراجعة عدد الساعات الإجمالية لكل متطلب من متطلبات الجامعة والكلية والتخصص والمواد الاختيارية. وللتحقق من جودة وتميز الخطط الدراسية لا بد من تنسيق العمل مع كل الجهات المسئولة عن الخطط مثل الاقسام والكليات الاكاديمية، وكالة الجامعة للشؤون التعليمية والاكاديمية، عمادة التطوير والجودة، وإدارة التعاون الدولي، وهيئات الاعتماد الأكاديمي الوطنية والدولية لإتباع منهجية مدروسة تضمن بناء خطط دراسية متميزة علميا ومعترف بها أكاديمياً، تحقق جودة التعليم والتعلم الذاتي المطلوب وتتناسب مع سوق العمل ومتطلبات المستقبل.
د. احمد الزامل
مستشار وكالة الجامعة للتطوير والجودة
مساعد المشرف العام للمكتب التنفيذي للخطة الاستراتيجية