روح الفريق الناجح
من أجمل مُتَعِ الحياة أن تعمل مع فريق تضمه روح واحدة ! هم متعددو الأشخاص لكنهم يعملون، وكأن لهم روح واحدة ! يبينها حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) رواه البخاري ومسلم.
ومن أهم تلك المشاعر التي تسقي روح الفريق لينجح ويبدع: الهدف المشترك الذي يؤمن به الفريق، والتعاون في تحقيقه مهما كانت الظروف.
إن هذا الفريق يتكون بدعامتين أساسيتين:
· قائد ناجح متميز يُعِينُ فريقه على النجاح.
· وفريق متميز يعين قائده على النجاح.
هكذا يجب أن ننظر إلى أي فريق ناجح ، فكم من قائد خلَّد التاريخ اسمه ما كان ليصل إلى ما وصل إليه لولا وجود فريق متميز وقف معه، وتفانى، وصبر، وأبدع. وكم من فريق متميز مبدع لكنه فشل لوجود قائد لا يملك مؤهلات النجاح.
وكلما كان القائد المتميز مدركًا لهذا الأمر كان أكثر نجاحًا في التعامل مع فريقه.
وبين يدي قصة طريفة إيجابية مؤثرة لمؤسس سلسلة فنادق ماريوت العالمية تدل على أثر التكامل بين القائد الناجح، والفريق المميز في تحقيق نجاحات مدهشة.
كان الشاب الأمريكي جون ويلارد ماريوت يبيع عصير الليمون البارد في الكابيتول هيل بواشنطن Capitol Hill وهو أكبر حي سكني تاريخي في مدينة واشنطن.
وكان يمتلك أسلوبًا مميزًا في جذب الزبائن، ويراقب باهتمام أولئك السياح الذين يتوافدون على المعالم السياحية في الحي الشهير. يحاول أن يخطف انتباههم بابتسامته، وعبارة يرددها عشرات المرات: "عصير طازج سيمنحك طاقة لمتابعة رحلتك"، وكم اصطاد بابتسامته المميزة من زبون، فينال القليل من نقودهم والكثير من أحاديثهم.
وقد لاحظ جون أن نقاشات السياح تتركز على رداءة الغرف في الفنادق المجاورة. ملاءات قذرة، وخدمة غرف تعيسة، وطعام بارد. ظل يستمع إلى هذه الانتقادات ويدخرها في صدره. يجمعها مع النقود، التي يجنيها من عصيره الطازج وابتسامته. وفي سنوات قليلة افتتح مشاريع صغيرة جعلته يمتلك مالا كافيًا؛ ابتدأ بمطعم لتقديم طعام ساخن بنكهة شهية.
نجاح مطعمه جعله يفتتح آخر، كان يتقاسم أرباح المطعم مع العاملين فيه، وكان على قناعة تامة أن سعادة موظفيه ستسعد زبائنه، أسلوبه المُلْهِم جعل العمل معه حُلمًا لكبار الطهاة في واشنطن ونيويورك وغيرها، الكل يود أن يظفر بالوظيفة والشراكة المنتظرة.
حققت مطاعمه نجاحًا باهرًا بعد أن استقطب أفضل الطهاة والنادلين والمحاسبين في المطاعم الأميركية، كان البعض يظن أن جون يخسر؛ لأنه يوزع أسهمه على موظفيه بإسراف لكنه كان يكسب؛ كسب اسمًا لامعًا وموظفين لافتين قادوه إلى نجاح هائل، هذا النجاح دفعه للإيمان أنه حان موعد افتتاح أول فندق باسمه، فندق بملاءات عطرة نظيفة، وخدمة مميزة، وطعام ساخن. ثقته بفريقه جعله يقدم على هذه الخطوة أو القفزة، قبل افتتاح الفندق كان يستحضر جميع تلك الأحاديث عن الفنادق والانتقادات التي يسمعها من زبائنه في عربة العصير، وكان يخشى أن تتوفر عربة لبيع العصائر أمام فندقه الصغير يجتمع حولها الغاضبون من مستوى فندقه.
بدأ بافتتاح تجريبي لثلاثة أشهر، دعا إليه أقاربه وأصحابه بمبالغ زهيدة، ترك في كل غرفة قلمًا ودفترًا صغيرًا كتب أمامهما: "اكتب رأيك بصراحة في مستوى الخدمة هنا، نعدك أن نلبي مطالبك عند زيارتك في المرة
المقبلة".
استفاد جون من الاقتراحات وافتتح، رسميا فندقه الصغير، الذي حقق إقبالاً كبيرًا منذ أيامه الأولى.
افتتح جون الفندق في الثلاثينيات، وما زالت الورقة والقلم التي وضعهما في غرفه الأولى تنتشر في جميع الفنادق ما صغر منها وما كبر في شتى بقاع الأرض.
لقد كانت فلسفة النجاح عند ماريوت تعتمد على أن إسعادك من حولك سيجعلهم يسعدون أنفسهم، وسيسعدون من حولهم. ومن قناعة قوية أن النجاح في أي فريق هو تواصل رائع بين ذلك الفريق وبين قائده . واهتمام مُلهِم من قبل القائد بفريقه.