سلسلة مقالات ممثلية الجمعية الفقهية السعودية (2) الغش في الامتحانات
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد؛
فإن الإسلام جاء بمحاسن الأخلاق، وأرشد الناس إليها وحثهم على التحلي بها، ونفَّرَهم من مساوئ الأخلاق وقبحها وذم أهلها ، وإن الأخلاق الفاضلة من أسس الإسلام في بناء الفرد وإصلاح المجتمع، فسلامة الأمة وقوة بنيانها، وسمو مكانتها وعزة أبنائها، بتمسكها بفاضل الأخلاق .
وعلى طالب العلم على وجه الخصوص أن يتأدب بآداب الإسلام الذي أرشدت إليه نصوص الكتاب والسنة ، وأن يحذر غاية الحذر من التساهل فيما أوجب الله ، أو الوقوع فيما حرم الله .
ومن الأخلاق المذمومة الغش فهو خلق محرم مذموم لا يتصف به المؤمن الذي يخاف ربه ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غشنا فليس منا" أخرجه مسلم ، أي ليس هو على سنتنا أو طريقتنا فنفى صلى الله عليه وسلم أن يكون خلقه على أخلاق المسلمين، ، وهذا قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لما مرَّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فابتلت أصابعه، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال: أصابته السماء ـ أي المطرـ قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ؟.
فالغش محرم مطلقاً وكبيرة من كبائر الذنوب سواء في الامتحانات أو في العبادات أو المعاملات لعموم هذا الحديث ، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه : " الغش حرام في امتحانات الدراسة أو غيرها، وفاعله مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من غشنا فليس منا »ولا فرق في ذلك بين كون المواد الدراسية دينية أو غير دينية. " .
ومن أخطر أنواع الغش الغش في العلم ؛ لأنَّ الغاش حينما يحصل على شهادة بالغش سينال بشهادته مرتبة لا تحل إلا بالشهادة الحقيقية المبنية على الصدق، والإنسان إذا لم ينجح إلا بالغش فإنه لم ينجح في الحقيقة ، ثم إنه سيكون فاشلاً إذا تولى منصباً إذ ليس عنده علم فيبقى فاشلا في أداء مهمته .
ولا فرق في تحريم الغش بين من باشر هذا الأمر بنفسه بأن أخذ الجواب من غيره أو ممن لقنه الجواب كلهم قد خانوا الأمانة ووقعوا في الخطيئة .
ولا فرق في ذلك بين مادة وأخرى فجميع المواد لا يجوز فيها الغش وما اشتهر عند بعضهم من أنه يجوز الغش في بعض المواد فإنه لا وجه له .كما أفتى بذلك الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله .
وأما زعم البعض بأن الغش يحقق مصلحة لهم فهذا زعم باطل وكلام مردود لا يصح أبداً فإن المصلحة المعتبرة عند أهل العلم يجب أن لا تعارض نصاً- من الكتاب أو السنة- أو إجماعاً أو قياساً صحيحاً .
وإذا كان الغش محرماً في الشرع ، فهو ممنوع في النظام وقد نصت المادة الثامنة والثلاثون من لائحة الدراسة والاختبارات للمرحلة الجامعية : " الغش في الاختبار أو الشروع فيه أو مخالفة التعليمات وقواعد إجراء الاختبار أمور يعاقب عليها الطالب وفق لائحة تأديب الطلاب التي يصدرها مجلس الجامعة "
ومن وقع في شيء من ذلك فليتب إلى الله تعالى ، ولا يلزمه فضح نفسه ، بل ينبغي أن يستتر بستر الله تعالى ، ويندم على ذنبه ، ويعزم على عدم العود إليه ، وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على تبينا محمد وآله وصحبه أجمعين