الخميس 25 أبريل 2024

المسؤولية الاجتماعية للمنظمات والإدارة بالمجتمع

المسؤولية الاجتماعية للمنظمات والإدارة بالمجتمع

(المسؤولية الاجتماعية للمنظمات) مفهوم جديد برز خلال العقدين الأخيرين بشكل لافت في أدبيات العلوم الإدارية، كصيغة جديدة لعلاقة منظمات الأعمال ببيئتها الداخلية والخارجية، بحيث أصبح مقياس كفاءتها وجودتها يقاس بقدرتها على الاستجابة لمتطلبات بيئتها الخارجية بمفهومها الواسع والمركب، وبقدرتها على منح المزيد من الاهتمام بالمورد البشري وتنميته معرفيًّا ومهاريًّا لتعزيز قدراته في إدارة العلاقات المتداخلة للمنظمة بمحيطها الاجتماعي. 

لقد استندت إدارة المنظمات في انفتاحها وانغلاقها على البيئة الخارجية إلى فلسفات ونظريات إدارية واجتماعية ظهرت تباعًا منذ نهايات القرن التاسع عشر، وتبعًا لذلك فقد شهدت منظمات الأعمال خلال تلك الفترة العديد من الأنماط الادارية بدءًا من الإدارة بالمالك ثم الإدارة بالمدير، ثم الإدارة بالزبون، وهي اليوم على أعتاب التحول إلى نمط جديد من الإدارة يمكن تسميته بـ" الإدارة بالمجتمع"، كتعبير عن المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الاعمال تجاه المجتمعات التي تعمل فيها وضرورة إسهامها في تنميتها المستدامة.

إن مفهوم الإدارة بالمجتمع سوف يشكل عنوانًا لإدارة جديدة يتطلب تحقيقها تطبيق منظومة متكاملة من المفاهيم والأدوات التي لا غنى عنها لتحقيق النجاح والتميز المؤسسي، في إطار إدارة الجودة الشاملة، ومنها المواصفة ""1400 للإدارة البيئية، والمواصفة "27000" للمسؤولية الاجتماعية، وأخلاقيات الإدارة، ومفاهيم التنمية المستدامة علاوة على نظم الجودة التي ينبغي أن يعاد النظر فيها لتكون معبرة عن المضمون الكلي لإدارة الجودة الشاملة، وبحيث تشكل معا نسقًا متكاملاً تدارمن خلاله المنظمات لتلبية احتياجات المجتمع والذي يشكل العملاء والعاملين جزءًا منه وليس بديلاً له.

ولعل ما يعزز هذا التوجه هو طبيعة المنظمات التي هي من حيث التعريف كيانات اجتماعية تسعى لتحقيق أهداف ذات عائدات اقتصادية، وإن شرعية وجود المنظمات ينبع من قدرتها على تلبية احتياجات مجتمعاتها بشمل مستمر.

لقد تعرضت إدارة الجودة الشاملة بما مثلته من نقلة نوعية في الفكر الإداري الحديث إلى نوع من الفهم القاصر، والذي يظهر جليًّا في نظم الجودة الإدارية والتخصصية، حيث تركز اهتمام تلك النظم على تحسين الإجراءات والعمليات وإغفال العملاء والمجتمع، ولعل مرد ذلك القصور في الفهم رغبة المنظمات في تحيق الجودة السريعة، وغلبة الأدبيات الأمريكية في نشر إدارة الجودة الشاملة والتي انصب فهمها للجودة الشاملة في الحد الأقصى بتحقيق رضاء العملاء، كمدخل جديد يقود الى اتباع أساليب مختلفة لتحقيق الأرباح، وبما يتسق مع ثقافة منظمات الأعمال الخاصة التي تسودها عادة فلسفة الربح بغض النظر عما يترتب عليه من آثار على المجتمع، وهو ما يتضح جليًّا بنموذج التميز المؤسسي الأمريكي لإدارة الجودة الشاملة المعروف "بنموذج بالدريج"، والذي يقابله نموذج التميز الأوروبي حيث خصص المعيار الثامن لنتائج المجتمع، ووضع مقاييس لرضا المجتمع، ومؤشرات لقياس الأداء الاجتماعي للمنظمات، وبما يتفق مع مضمون إدارة الجودة الشاملة، كما عبر عنه عالم الجودة جينيتش تاجوتشتي بـ: دالة خسارة الجودة، فقد أوضح بأن الجودة تقاس بمقدار تأثير رضا المجتمعات، وقد تعزز هذا التوجه على مستوى العالم  بصدور الميثاق العالمي للمسؤولية الاجتماعية في 26 يوليو 2000م.

إن إدارة المسؤولية الاجتماعية للمنظمات سوف تشكل تحديًا جديدًا للقيادات الإدارية، يتطلب منها اتخاذ قرارات متقدمة تجعل من المسؤولية الاجتماعية –ابتداءً- وظيفة أساسية من وظائف المنظمة إلى جانب وظائف التسويق والإنتاج والتوظيف والتمويل والإدارة، وتجسيد تلك المسؤولية في الخطط الاستراتيجية والهياكل التنظيمية وفي كل العلميات الإدارية، كخطوة أساسية نحو إشباع احتياجات المجتمعات انطلاقا من طبيعة نشاط كل منظمة وبغض النظر عما إذا كانت خاصة أو عامة.

   

قيم هذا المحتوى
QR Code for https://np.psau.edu.sa/ar/article/2018/04/1524044448

تحويل التاريخ

التحويل من
التاريخ